منتديات الحصن يافع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الحصن يافع

منتديات يافع الحصن


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

طوبى لمن لقي الله ووالداه عنه راضيان

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]



في عصرنا الحاضر جحود بالفضل ونكران للجميل
وانغماس في الشهوات
وقمع بالباطل
وفرار من معاني الروح
وتسابق إلى أحضان المادة

في مجتمعنا الحالي عقوق للآباء
وبغض للأقرباء
وحسد بين الجيران
وغدر بالأصحاب
وخيانة للأمانة
وغش في المعاملات

فإلى أين نسير؟!

لنقف قليلاً
كي نبين الطريق ونحدّد الغاية
وإلا فالنهاية الخاسرة تنتظرنا
إن لم نعمد إلى نفوسنا فنقومها
وأخلاقنا فنحسنها
وطباعنا فنهذبها
ومعاملاتنا فنصلحها

ولنبدأ بالنفس
فننير لها السبيل
ونحدّد ما لها من حقوق
وما عليها من واجبات

فإذا استقامت رسخت دعائم المجتمع قوية متماسكة

تستقيم النفس بالتربية
والتربية مصدرها الأول الوالدان

والحديث عنهما حديث عن حق لا ينسى
وأنى للحديث عن الوالدين أن يوفيهما حقهما؟!

إنه حديث عن الأمّ التي تحملت ما يفوق الوصف
عن آلام الحمل والولادة وهموم الرضاع
سهر بالليل ونصب بالنهار في سبيل الرعاية والحماية لوليدها

إنها الأم التي تذبل لذبول وليدها
وتغيب بسمتها إن غابت ضحكته
وتذرف دموعها إن اشتد توعكه
وتحرم نفسها الطعام والشراب من أجله
وتلقي نفسها في النار لتنقذه
وتتحمل من الذل والشقاء أمثال الجبال كي يحيا ويسعد

إنها الأم التي يرقص قلبها إذا ضحك الوليد
ولا تسعها الدنيا نشوة إذا حبا أو مشى
وتسمع نغم الدنيا في كلمته
وترى الحياة كلها نورًا وجمالاً
وهي تراه مع الصبيان يلعب أو إلى المدرسة يذهب

إنها الأم التي طعامك درها
وبيتك حجرها
ومركبك يداها وصدرها وظهرها
تحيطك وترعاك
وتجوع لتشبعك أنت
وتسهر لتنام أنت
فهي بك رحيمة وعليك شفيقة

إنها الأم التي تعيش لولدها ومعه
وهي تنتظر الأيام الحاسمة في حياتها وحياته
حين ينجح ويكسب ويتزوج

رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا،
وبمحمد صلي الله عليه وسلم رسولاً


وهو حديث عن الأب
الذي من أجلك يكدّ ويشقى لراحتك
يروح ويسعى ويدفع عنك صنوف الأذى
ينتقل في الأسفار يجوب الفيافي والقفار ويتحمّل الأخطار
بحثًا عن لقمة العيش

إن البرّ بالوالدين والإحسان إليهما عام مطلق
ينضوي تحته ما يرضى الابن وما لا يرضى
من غير امتناع ولا جدل ولا مناقشة ولا ضجر

ذلك أن كثيرًا من الأبناء يحسبون أن البر فيما يروق لهم
ويحقق رغباتهم
وفيما تهواه نفوسهم

والحق أن البر لا يكون إلا فيما يخالف أهواءهم وميولهم
ولو كان فيما يوافقها لما سمي برًا



و العار والويل والثبور
أن يفاجأ الوالدان بإنكار للجميل

كانا يتطلعان إلى الإحسان ويؤملان الصلة بالمعروف
فإذا بهذا الإبن قد تناسى ضعفه وطفولته
وأعجب بشبابه وفتوته
وغره تعليمه وثقافته
وترفع بجاهه ومرتبته

يؤذيهما بالتأفف والذم
ويجاهرهما بالسوء وسيّئ القول
يقهرهما وينهرهما



إن بِرُّ الوالدين خلق الأنبياء وشيمة الأوفياء

فقد قال ربنا عن عيسى عليه السلام أنه قال:
وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا
[مريم:32]

وقال عن يحيى عليه السلام:
وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا
[مريم:14]

وإسماعيل عليه السلام ضرب المثل الأعلى في البر
حينما استسلم لأمر الله
ثم لأمر أبيه
ولم تقف به نفسه العالية عند هذا الحد
بل أعان أباه على الطاعة
وشجعه على تنفيذ أمر ربه

فقال: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ
[الصافات:102]


لقد قال ربنا في شأن الوالدين:
وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
[الإسراء:23، 24]

فبهذه العبارات الندية والصور الموحية
يستحث القرآن الكريم وجدان البر والرحمة في قلوب الأبناء

إن الوالدين يندفعان بالفطرة إلى رعاية الأولاد
إلى التضحية بكل شيء حتى بالذات

وكما تمتص النباتية الخضراء كل غذاء في الحبة فإذا هي فتات
كذلك يمتص الأولاد كل رحيق وكل عافية وكل جهد وكل اهتمام من الوالدين
فإذا هما في شيخوخة
ـ إن أمهلهما الأجل ـ
وهما مع ذلك سعيدان؟
إن رضا الوالدين و برهما
سبب في حلول الفَرَج إذا بلغت الشدة غايتها
وتسهيل العسير وتحقق الأماني



و الولد البار يهنأ بعمره ويطمئن في عمله
وتحفه السعادة من كل جانب


عن محمد بن سيرين قال:
بلغت النخلة في عهد عثمان رضي الله عنه ألف درهم
فعهد أسامة بن زيد إلى نخلة فَعَرَقَها
فأخرج جُمّارَها فأطعمه
فقالوا:
ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم والجُمّار لا يساوي درهما؟!
قال: إن أمي سألتنيه
ولا تسألني شيئًا أقدر عليه إلا أعطيتها


وكان حَيوة بن شُريح ـ وهو أحد أئمة المسلمين ـ
يقعد في حلقته يعلم الناس
فتقول له أمه: قم يا حيوة فألقِ الشعير للدجاج
فيقوم ويترك التعليم

وقال المأمون:
لم أرَ أحدا أبرّ من الفضل بن يحيى بأبيه
بلغ من بره أن يحيى كان لا يتوضأ إلا بماء مسخن وهما في السّجن
فمنع السجان من إدخال الحطب في ليلة باردة
فقام الفضل حين أخذ يحيى مضجعه
إلى إناء كان يسخّن فيه الماء فملأه ثم أدناه من نار المصباح
فلم يزل قائما وهو في يده حتى أصبح
فمنعه السجان من تسخين الماء بالمصباح
فعمد الفضل إلى الإناء فأخذه في فراشه
وألصقه بأحشائه حتى أصبح وقد فتر الماء



و لنعلم أن :
من أرضى الوالدين فقد أرضى الله
ومن أسخطهما فقد أسخطه
ومن برّ بهما وأحسن إليهما فقد شكر ربّه
ومن أساء إليهما فقد كفَر بنعمته

وهما الباب الموصل إلى الجنة

فمن برّ بهما وصل
ومن عقّهما مُنع


مرّ ابن عمر رضي الله عنهما وهو يطوف برجل يماني يطوف بالبيت
وتَرَحَّلَ أمه على ظهره وهو يقول:
إني لها بعيرها المذلّل…إن ذعرت ركابها لم أذعر
ثم قال: يا ابن عمر
أتراني جازيتها؟!

قال: لا ولا بزفرة واحدة

ولما ماتت أم إياس بن معاوية جعل يبكي
فقيل: ما يبكيك؟
قال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة وغلق أحدهما
أما بعد موتهما فلا أنساهما يوميًا من صدقة ولا من الدعاء كل صلاة
وأحب من كان يحبان
وأصل أهل ودهما


فطوبى لمن لقي الله ووالداه عنه راضيان



يا قارئ خطي لا تبكي على مَوتي..
فاليومُ أنا معكَ وغداً في الترابِ..
فإن عشتُ فإني معك وإن مت فالذكرى..!
ويا ماراً على قبري لا تعجب من أمري..
بالأمسِ كنتُ معك وغداً أنتَ معي

اللهم اجعل قلوبنا خزائن توحيدك

واجعل ألسنتنا مفاتيح تمجيدك

وجوارحنا خدم طاعتك

فإنه لا عز إلا في الذل إليك

ولا أمن ألا في الخوف منك

ولا راحة ألا في الرضا بقسمتك

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى